الخميس، 1 نوفمبر 2018

التاريخ المظلم لإسبانيا .. عندما أبادوا المسلمين


-أحد الأحداث المأساوية في التاريخ الإسلامي هو فقدان الأندلس أو إسبانيا المسلمة , فعندما غابت شمس الأندلس عن بلاد المسلمين , وسقطت قلاعهم في تلك الأرض الأوروبية بعدما كنت صامدة لثمانٍ قرون .. لم يكن الأمر هيّناً على جموع المسلمين في كل أرض في ذلك الوقت .
فقد كانت شبه الجزيرة الإيبيرية أرضاً مسلمة وهي التي ضمت إسبانيا والبرتغال وأندورا ومنطقة جبل طارق , وفي أوج عظمتها كان لدى إيبيريا أكثر من 5 ملايين مسلم - أي معظم سكانها -  وحكمها خيّرة الحكام المسلمين , الذين أقاموا حضارة متطورة تقوم على الإيمان والمعرفة .
وفي القرن التاسع عشر الميلادي , كانت عاصمة إسبانيا هي مدينة قرطبة , وعمل حكامها على تمهيد الطرق وبناء المستشفيات , وإنارة الشوارع في جميع أنحاء المدينة , وفي ذلك الوقت كانت أكبر مكتبة في أوروبا تحتوي على 600 كتاب فقط , بينما كان خطاطو قرطبة ينتجون 6000 كتاب سنوياً .
كان المجتمع الأسباني خليطاً سلميّاً من الثقافات الأوروبية والأفريقية , فقد تعايش المسلمون واليهود والمسيحيون في وئام ٍ جنباً إلى جنب .
ولكن هذا المجتمع اليوتيوبي لم يدم طويلاً , وذلك حين أراد الملوك الكاثوليك إسترداد إسبانيا من المسلمين , وبالفعل في عام 1492 , سقطت آخر دولة إسلامية في إيبيريا وهي " غرناطة " , وبعدها واجه مسلمو إسبانيا واقعاً جديداً : الإبادة الجماعية .
 فكان سقوط الأندلس نصراً عظيماً بالنسبة للأسبان المسيحيين الذين أرادوا أن يطفئوا النار التي تأججت في قلوبهم عندما قامت حضارة المسلمين على أرضهم يوماً ما .. فجاء الإنتقام بأبشع صوره , ليس على المسلمين فحسب بل على أياً ممن خالف الكنيسة من يهود أو غيرهم .. ومحاكم التفتيش كان لها دوراً رئيسياً في تلك الفوضى .
فلك أن تعلم أن محاكم التفتيش الأسبانية كانت جزءاً من ثالث أكبر إبادة جماعية في التاريخ , فأكبر إبادة في التاريخ هي إنقراض الأمريكيين الأصليين في كل من أمريكا الشمالية والجنوبية , والثانية هي أكبر محرقة لليهود في الحرب العالمية الثانية .


بعد سقوط غرناطة في عام 1492 توقع معظم المسلمين أنها نكسة صغيرة , وظنوا أن جيوش المسلمين من أفريقيا ستأتي قريباً لإستعادة غرناطة , ولكن فشلت حروب الإسترداد التي قام بها المسلمون , ووقّع ملوك إسبانيا مرسوماً يجبر فعلياً كل يهودي على الخروج من البلاد , وبالفعل أُجبر مئات الآلاف من اليهود على الخروج , وقبلت الإمبرواطورية العثمانية العديد منهم , فأرسل السلطان بيازيد الثاني حاكم الإمبراطورية العثمانية وقتها أسطوله البحري بالكامل إلى إسبانيا لنقلهم وإحضارهم إلى أسطنبول , من أجل تجنب تعرضهم للقتل الجماعي الذي ينتظرهم في إسبانيا , ولم يختلف الأمر بالنسبة إلى المسلمين الذين هاجروا إلى بلاد إفريقيا هرباً بدينهم وأنفسهم من الإبادة الجماعية , بينما بقى الكثير منهم أيضاً .

 ومع إستعادة الملوك الأوربيين سيطرتهم على إسبانيا بعد هزيمة المسلمين , فرض الحكام الأسبان الديانة المسيحية فرضاً إجبارياً على جميع سكان إسبانيا , وفرضت بعض القيود القانونية علي غير المعتنقيين للمسيحية الكاثوليكية بموجب مرسوم ملكي , فكانت الحقوق القانونية وحقوق الملكية الأخرى تعتمد على المعمودية , مثل دخول المدارس والمكانة الإجتماعية والخدمات وغيرها .
كان هناك حوالي 500000 مسلم في جميع أنحاء إسبانيا في عام 1492 , وجعلت الكنيسة الكاثوليكية من أولوياتها هو تحويل جميع هؤلاء المسلمين إلى المسيحية قسراً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق